أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / لوحة “الصوت الذي بقي” للتشكيلية ليلي قازان ..قدرة المرأة على تحويل التجربة الذاتية إلى رؤية تشكيلية عميقة
التشكيلية ليلي فزان

لوحة “الصوت الذي بقي” للتشكيلية ليلي قازان ..قدرة المرأة على تحويل التجربة الذاتية إلى رؤية تشكيلية عميقة

ملاك عطوي

الكاتبة ملاك عطوي

لطالما رافقت المرأة خيال الفنانين على اختلاف مجالاتهم، فكانت وما زالت الجوهر الذي يستند إليه الإبداع في ترجمة ما يختلج في النفس من مشاعر وأفكار، سواء تجلّى ذلك في فكرة، أو نغمة، أو قصيدة، أو صورة. ومع تطوّر الفنون، لم تعد المرأة موضوعًا جماليًا فحسب، بل غدت ذاتًا فاعلة تعبّر وتبتكر وتقدّم رؤيتها للعالم.

وقد احتلّت المرأة في الفن التشكيلي مكانة لافتة، سواء كموضوع للرسم أو كخامة إبداعية تعبّر عن ذاتها عبر اللون والمساحة والخط. فبعد أن رُسم جسدها في الماضي رمزًا للجمال والأنوثة—عارياً أو مغطّى—تقدّم الفن المعاصر نحو قراءة أكثر عمقًا، تضيء على قضاياها وهويتها وتجاربها، وتمنح حضورها مساحة تتجاوز الصورة النمطية والهيمنة الذكورية القديمة. وهكذا صار وجود المرأة في الفن التشكيلي حدثًا ثقافيًا يعيد صياغة صورتها، ويُظهر قدرتها على أن تكون صانعة للرؤية، لا مجرد موضوع لها.

وقد برزت الريشة اللبنانية النسوية بقوة في هذا الإطار، حاملةً معها أسماءً عديدة أثبتت حضورها محليًا وعالميًا. فهذه الأعمال جابت المعارض في الداخل والخارج، ناقلةً جمال الطبيعة اللبنانية، والفلكلور والتراث، وصورة المرأة القوية، كما عكست من جهة أخرى ما يعيشه اللبنانيون بين الفرح والحياة، والحروب وما خلّفته من وجع وصمود.

ومن هذا الامتداد الحضاري والجمالي، تأتي قراءة لوحة الفنانة اللبنانية ليلي قازان، بوصفها نموذجًا على قدرة المرأة على تحويل التجربة الذاتية إلى رؤية تشكيلية عميقة.

✦ قراءة لوحة “الصوت الذي بقي” ــ للفنانة ليلي قازان

بدأت ليلي رحلتها الفنية منذ طفولتها، حين اكتشف والدها موهبتها التي ورثتها عنه، فكان أوّل الداعمين لتطوير مهاراتها وتوجيهها نحو الأكاديمية الفنية بعد المدرسة. وخلال سنواتها، عُرضت أعمالها في معارض مدرسية ومحلية ومسابقات عدّة، قبل أن تشارك بلوحتها “الصوت الذي بقي” في معرض عشتار في قصر الأونيسكو – بيروت في 8 كانون الأول 2025.

وتأتي قراءة هذه اللوحة كامتداد طبيعي للحديث عن حضور المرأة في الفن، إذ تمثّل العمل تجسيدًا بصريًا لمسار الأنثى في مواجهة العالم، وصوتها الداخلي الذي يبقى حيًا رغم الفوضى.

فالمرأة في اللوحة بلا ملامح، وهو اختيار مقصود يفتح الدلالة على الغموض من جهة، وعلى العمومية من جهة أخرى؛ فالعمل لا يتناول امرأة محدّدة، بل يروي قصة كلّ امرأة تقف ثابتة وسط تقلبات الحياة. إنّها المرأة التي تستعيد ملامحها الداخلية، لا تلك التي يفرضها المجتمع عليها.

أما اللون الأحمر المهيمن—من ثوبها إلى الزهرة في شعرها إلى القلب المضيء على يمين اللوحة—فيحمل رموزًا للعاطفة والقوة والاندفاع نحو الحياة. إنّه اللون الذي يشتبك مع الألم، لكنه يشعّ بالثبات والقدرة على النهوض.

الزهرة الحمراء فوق شعرها توحي بالأنوثة البريئة والوهج العاطفي، فيما يشكّل القلب مركز المشهد، ممثّلًا نبض الحب الذي يصرّ على الاستمرار، سواء بعد انطفاء علاقة سابقة أو بداية جديدة تولد من رماد التجربة.

وفي الخلفية، تتداخل الألوان بين لحظات مشرقة وأخرى قاتمة، لترسم مسار الذكريات التي تُعيد تشكيل شخصية الأنثى بعد الانكسار، فتنبت من حولها زهور رمزية تشير إلى الولادة المتجددة بعد عبور محطات قاسية.

باختصار، تقف اللوحة كمرآة لكلّ امرأة تعيد اكتشاف ذاتها في فوضى العالم، وتواجه الحياة بقلب يعيد اختراع الحب، وبقوة تستمدّها من صمتها الداخلي… من “الصوت الذي بقي”.

لوحة ليلي قزان "الصوت الذي بقي"
لوحة ليلي قزان “الصوت الذي بقي”

شاهد أيضاً

عضو ملتقى الألوان التشكيلية لنا حايك

مشاركة مميزة للفنانة التشكيلية لنا حايك في معرض Behind the Seen تنظيم WISP

فخورون بمشاركة عضو ملتقى الألوان الفنّانة لنا حايك في المعرض الجماعي Behind the Seen، تنظيم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *