“حول الفيزياء والشعر” بقلم الشاعرة سمار اللقيس

ليس الشعر بعيدا عن الفيزياء من حيث بعض المفاهيم والمرتكزات..
دائما كنت أسأل نفسي هل أتت مصادفة أن يمتزجا بدمي ( الفيزياء والشعر) ولمن الأسبقية ، وهنا أجد العلاقة الوطيدة الخفية بينهما وفقا لبعض المفاهيم.
فمثلا إذا تحدثنا عن مفهوم التوازن أو equilibrium والذي له الأثر الكبير في الفيزياء الميكانكية ،أو من خلال مفهوم (period ) أو المدة الزمنية لحركة جسم ما متكررة في زمن ثابت وبشكل ثابت كدوران الارض حول الشمس أو حول نفسها، أو من خلال دراسة خصائص الكهرباء المتناوبة ( alternative current ) ،أو حركة انتقال الصوت أو الموجات الكهرومغناطسية electromagnetic waves والتي تقوم بدورة كاملة (cycle ) وفق وقت محدد لا يتأخر ولا يتقدم، وهذا ما ينعكس تناغما في هذه الاشياء حولنا وهنا ربما يقع يقع التشابه بين الفيزياء والشعر .

فإذا نظرنا مثلا إلى الشعر العمودي في شطري البيت في القصيدة سنلاحظ أن عدد التفعيلات متوازنة ومتساوية في كل شطر من البيت وهذا ينعكس توازنا في الوقت حين قراءته وتوازنا في اللحن .إن هذا التكرار للبيت الواحد في كل جسم القصيدة يشبه التكرار لحركة جسم ما في وقت محدد أو حتى في القصيدة التفعيلية وهذا طبعا ليس كلاما جديدا، فإن الخليل مثلا الذي وضع بحور الشعر كان متمرسا ودارسا لعلم الأصوات الذي يدرس هذه المفاهيم ووفقا لهذا سن سنته في الأوزان ، وهذا لا يختلف كثيرا في قصيدة النثر حيث يجب أن يكون التوازن بين جملها وصورها ضروريا من وجهة نظري وحتى حقلها المعجمي وعمقها، وعليه يجب ان تكون مستوى كثافتها المعنوية (density) واحدة. وهنا أيضا ربط فيزيائي أجده ضروريا للوصول إلى شعرية النص وإلى صوغ قطعة أدبية ذات قيمة بلاغية وجمالية، وإذا لم يتم هذا التوازن ولم نشعر به في النص فإننا حتما سنشعر بارتباك النص واختلاله وعدم تناسقه.